Photo credits : Yugarta

نضال من أجل التحرر و لیس نقاش قضیب او دبر

بقلم : مالا بديع

في غالب الوقت ما تكون الكتابات المغربیة من مقالات و غیرها حول قضایا مجتمع المیم -عین قاصرة و سطحیة التحلیل و غیر مطلعة عن الادب و النقاشات النسویة و الكویریة المغربیة الشبابیة و البدیلة و دائما كتاباتهم تغض البصر و البصیرة على التطور الذي وصل له الفكر النسوي و الكویري من تحلیل لقضیة مجتمع المیم-عین , و أغلب هاته التحلیلات و الكتابات لا یمكن الرجوع إلیها لفهم قضیتنا و جوهرها 

انها لیست مرة واحدة او تانیة التي لا یفهم بها جوهر نضالنا و مطلبنا للتحرر كمجتمع میم-عین سواءا من قبل من یكتب او من یدافع على حقوق الإنسان 

إلى حدود الآن لازلت الحركة الحقوقیة المغربیة ( الهموفوبیة و التقدمیة معا ) لا تأخذ بجدیة نضالنا و تعتبره ثانوي و غیر ضروري و هم ایضا یفسرون وجوده كعلاقات دبریة و قضیبیة. و مازال الكثیر یعتبر أننا حركة او سیرورة نضالنا مدموجة مع حركات الحریات الفردیة اللیبرالیة و المستعمرة ایدیولوجیا 

لا, نحن حركة كویریة و ترانسیة تحرریة و سیاسیة و شمولیة و تقاطعیة و حقیقیة و رادیكالیة ولا یمكن أن یختزل نضالنا في أننا نبحث عن لیلة نكاح في سلام بعیدا عن أعین الشرطة. بل نناضل من اجل مستقبل حر و عادل لنا جمیعا و اننا حركة نضال مجتمعیة تكافح من أجل تحررها و عبرها تحرر المجتمع المغربي برمته 

ماذا یعني نضال مجتمع المیم-عین ؟ 

في بدایة العشریة الثانیة من الالفین استوعبنا في المغرب أنه قد حان الوقت لمجتمع المیم-عین التعبیر عن أنفسهم.ن سیاسیا و أغلب من بدأ خطوات الكفاح الاولى كانوا و كن نساء مثلیات وأشخاص ینتمون الى الطبقة العاملة و الطبقات المقهورة

لقد كنا نحاول أن نفسر و نحلل ظروف عیشنا كأفراد مجتمع المیم-عین داخل المجتمع المغربي و كنا نحاول أن نفهم ماذا یحدث حولنا و أن نجد بدائل و فجوات لخلق ظروف أفضل لنا داخل المجتمع و لها تأثیر على جودة حیاتنا ایضا . كنا نبحث عن خلق مجال لأنفسنا في المغرب حین لم یكن لنا مجال وسط كل ما كان یروج له هي تصورات رجعیة حول ‘‘ المثلیین الرجال‘‘ 

المجتمع كان یختزل مجتمع المیم-عین في المثلیین الرجال سیس عبر نكران مقصود لجنسانیة المرأة و ایضا للتنوع الجندي و وجود أشخاص ترانس و أشخاص غیر محددي الهویة الجندري. كل ما كنا نسمعه حینها هو زواج الرجال بالرجال و الترهیب منا بعد حادثة القصر الكبیر الشهیرة و بدایة موجات الزواج المثلي بأوروبا الغربیة 

انه لمن الواضح أن الرجولة و الأبویة المغربیة تشعر بالرعب من فكرة تحول أنماط العیش و تحرر النساء و تحرر مجتمع المیم-عین, انها بالاساس تشعر بالرعب من أن یتحول نمط عیشنا الى نمط العیش الغربي و ما تتصوره الذكوریة المغربیة على أنه المجون و عیب و حرام

و في المقابل یتم الترویج بلا حدود للعنف والإقصاء والقمع و القتل خلف الجدران و بالمنازل و بالسجون المغربیة. كأن الذكوریة المغربیة تحاول أن لا تنظر للخطر الحقیقي القادم من داخل بیوتنا و التي هي من خلقته .و لأن النموذج الغربي للتحرر ظاهر فیتم دائما الترویج له بدون حدود على أنه خطأ عكس حقیقتنا التي نتقن فن اخفائها 

إن الفكر المغربي و الكویري و النسوي الرادیكالي البدیل یمكنه أن یحاول إزاحة جدار و غطاء حقیقة مجتمعنا وأن یجعل حقیقته العنیفة و الرجعیة و القاتلة واضحة. و على الاقل أن نصدق جمیعا اننا نعیش داخل دار الحریم كما وصفت هذا النفاق الاجتماعي فاطمة المرنیسي و أننا غیر قادرین أن نعترف أن ما بداخل الدار مقرف و قاتل و حقیقي. و ایضا ان تحاول الرد على التأویلات المجتمعیة لقضیة تحرر النساء و الكویر و الترانس و الغیر محددي الهویة الجندریة ,هذه التأویلات التي تجعلها قضیة دینیة ولیست سیاسیة و ان علاجها یكون عبر تقویم الأخلاق و الرجوع الى الدین و االله, و ربط إشكالات المجتمع بما هو رباني و دیني ولیس ما هو مادي 

أعتقد أن الكفاح النسوي الكویري و الترانساوي جاء لیعري هذا المنزل الذكوري المظلم وأن یتحدث عن  الاشكالات التي لدیها تأثیر على حیاتنا كمجتمع المیم-عین و هي لیست اشکالیة واحدة    

إن مسألة حریة ممارسة الجنسانیة لیست هي قضیتنا الأساسیة و یجب أن ننتقد أحادیة الكفاح أو فردانیة السیاسة هاته. نحن لیس همنا الوحید هو الحریة الفردیة و یجب أن نواجه هذا الطرح اللیبرالي في نضالنا و أن نعتبر أن قضیة تحررنا لیست مرتبطة بعلاقات جنسیة فردیة فقط لكن تقاطع علاقات قوة تحد من قدرتنا و تحد أیضا من وصولنا الى الكثیر من الحقوق الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة والثقافیة

إن الفكر النسوي الكویري الترانساوي المغربي قادر على تجاوز الفهم النیولیبرالي و الرجعي للتحرر و الذي یجعلنا نفكر أن التحرر هو تحرر فردي أو ان احتمال إلغاء تجریم الجنسانیة هو الحل الوحید لمشاكلنا كمجتمع المیم-العین 

لیس هناك تحرر لمجتمعنا من دون أن تحترم جنسانیة النساء و حبهن و لا یمكن أن یكون إلغاء تجریم المثلیة هو الطریق الوحید الى تحرر النساء و بما في ذلك النساء الترانس و تحقیق مساواة في الحقوق الاقتصادیة و السیاسیة و الصحیة والإنجابیة و القدراتیة و حریة التصرف في الأجساد

لیس هناك تحرر مجتمع المیم-عین من دون القطیعة مع الترانسفوبیا و وقف تجریم العمل الجنسي و أیضا وقف التمییز ضد الأشخاص المتعایشین مع داء فقدان المناعة المكتسب , و وقف الاضطهاد المبني على القدرات الجسدیة والعقلیة للأشخاص و القضاء على العنصریة و المعاملة السیئة للأجانب و العدید من أسالیب و مسارات العنف والتمیز و القهر و الاضطهاد

یجب علینا أن ندرك أننا كلنا بشر و من المفروض أن نعیش بكرامة و أن كل قضایا الاضطهاد هي قضایا تحررنا.و نضالنا یمكن أن یكون متعدد و مرتبط بقضایا التحرر كلها و وقف كل أشكال الاضطهاد 

إننا في الحقیقة نعیش مع تناقضات متعددة للقوة تؤثر على حیاتنا وواقعنا و النسویة الترانساویة-الكویریة جاءت لتجمع قوتنا نحن كأفراد و تجعلها قوة مجتمعیة قادرة على تطویر واقعنا جمیعا نحو الأفضل 

و لكل هذا, یجب علینا الالتزام بتقاطعیة النضال و أن نعرف أن مهمتنا الخاصة والجماعیة هي التطویر و التفكیر و التحلیل و ممارسة متكاملین و مبنیین على أساس أن أنظمة الاضطهاد متشابكة و أنها صانعة واقعنا و حقیقتنا. فعندما نصاب بالیأس و تخور قوانا و نستسلم للقوى التي تعمل ضدنا و أمام الاطار الأخلاقي و النظري للتغییر الذي لا یمنحنا احساسا بدور المجهودات  الفردیة في الانتصارات بالمستقبل ,النسویة الترانساویة-الكویریة قد تساعدنا في فهم الأحداث الحالیة بطریقة تقاطعیة شمولیة تمكننا من تطویر قدراتنا و تجعل رؤیتنا أكثر وضوحا و أهدافنا جد واضحة 

الطریق هي نحو التحرر المجتمعي الجاد التقاطعي و الشمولي ولیس أي نقاش سطحي او بورنوغرافي حول القضیب و المهبل و الدبر . إنها طریق حركات في كل مكان تسعى لتغییر العالم و تحطیم النظام الرأسمالي الأبوي و الطبقي . فلا یجب تقزیم نضالنا و كینونتنا و وجودنا او أن یتم جنسنة حركتنا السیاسیة و الكفاحیة التي من المطلوب أن تكون ملتزمة بشمولیة القضایا و تقاطعها 

Leave a Reply

%d bloggers like this: